الكويت: 31 يناير 2020
45 يوما كانت المدة الفاصلة بين أداء الدكتورة غدير أسيري اليمين الدستورية وزيرة للشؤون الاجتماعية بالحكومة الكويتية الجديدة وصدور مرسوم قبول استقالتها لتكون بذلك ضمن أقل الوزراء عمرا في تاريخ الكويت السياسي وأول مودعي وزارة رئيس الحكومة الشيخ صباح الخالد.
بداية متفجرة ونهاية متوقعة
الدكتورة غدير أسيري وفقا للتعريف الرسمي لها بعد توليها وزارة الشؤون يوم 17 ديسمبر 2019 هي استاذ مساعد في كلیة القانون الكویتیة العالمیة وحاصلة على الدكتوراه في القانون والسیاسة الاجتماعیة من المملكة المتحدة كما حصلت على الماجستیر من الولایات المتحدة الامریكیة بتخصص قانون سیاسة اجتماعیة وعلى باكالوریوس في تخصص الفلسفة من جامعة الكویت، كما سبق لها عملت في مكتب الانماء الاجتماعي التابع لدیوان رئیس مجلس الوزراء الكويتي، قبل أن تعلن استقالتها في 30 يناير 2020.
وتصنف سياسيا على أنها ليبرالية التوجه وطنية الهوية وعصامية تدرجت أكاديميا من طالبة تخرجت بعد حصولها على بكالوريوس الفلسفة من جامعة الكويت حتى نالت الدكتوراة من الولايات المتحدة الأمريكية، وسبق لها خوض انتخابات مجلس الأمة حيث لمع نجمها بحصولها على 1039 صوتا في أول نزول لها في انتخابات عام 2016 التي خاضتها مرشحة عن الدائرة الأولى وحصلت على المركز العشرين، وبدأت بعدها مشروعا اجتماعيا سياسيا دشنت فيه ديوانا تلتقي فيه أصدقائها ومناصريها وحولته مع الوقت إلى منتدى يطرح ويناقش القضايا العامة.
الخطأ القاتل
بعد إعلان توليها وزارة الشؤون في 17 ديسمبر 2019 تعرضت لانتقادات حادة إثر قرارها بتعطيل حسابها الشخصي على موقع التواصل الاجتماعي تويتر، وهو ما وضعها تحت مجهر الرصد لتظهر بعدها تغريدة قديمة لها نشرتها على حسابها (@GadeerAseri) في 20 مارس 2011، وتعلقت بالأحداث التي شهدتها مملكة البحرين وقتها وأدت لاحقا لتدخل قوات درع الجزيرة الخليجية لضبط الأوضاع الأمنية هناك.
التغريدة لم تكن لتنتشر لولا قرار أسيري غلق حسابها على موقع تويتر، وهذا برأي فريق البحث في Social Watcher المسبب الحقيقي لما تعبه من أحداث توالت بتهديد عدد من النواب رئيس الحكومة الجديد باستجواب على إثر توزيرها.
استجواب الدمخي
ثم بتقديم النائب عادل الدمخي استجوابا للوزيرة أسيري بتاريخ 29 ديسمبر 2019 وأدرج على جدول أعمال مجلس الأمة وتمت مناقشته بتاريخ 21 يناير 2020 وانتهى بتقديم 10 نواب طلبا بحجب الثقة عن الوزيرة (يتكون مجلس الأمة من 50 نائبا) وتم تحديد جلسة 4 فبراير 2020 لمناقشته إلا أن عدد مؤيدي طرح الثقة كان يتباين بشكل يومي حتى بلغ 23 نائبا (يلزم موافقة 25 نائبا على طلب حجب الثقة لعزل الوزير بحسب الدستور الكويتي) وذلك يوم الاثنين 27 يناير 2020.
ارتباك الحسبة السياسية
في اليوم ذاته قامت الوزيرة باتخاذ قرارا وزاريا يتعلق بصلاحيات مديرة الهيئة العامة لشؤون ذوي الإعاقة، وهي هيئة تابعة لوزير الشؤون الاجتماعية والعمل، اعتبره عددا من النواب تقليصا لصلاحيات مديرة الهيئة، ما أدى إلى انتقالهم من معسكر مؤيدي الوزيرة في طلب حجب الثقة عنها إلى معارضين فرجحت كفة المعارضين الذين ارتفع عددهم إلى 28 نائبا ما دفع الوزيرة في يوم الخميس 30 يناير إلى تقديم استقالتها وصدور مرسوم بقبولها، لتنتهي بذلك مسيرتها السياسية خلال رحلة لم تتجاوز 45 يوما، بدأتها بإغلاق حسابها على تويتر وانتهت بتناقل أخبار استقالتها على ذات المنصة.
5 نصائح مجانية
مسيرة الوزيرة المستقيلة غدير أسيري شهدت تقلبات ملحوظة يود فريق بحث Social Watcher الإشارة إليها وهي بمثابة اساسيات يجب على جميع السياسيين اتبعها:
1- إن اغلاق أي سياسي أو حتى من في موقع الشخصية العامة حسابه على مواقع التواصل الاجتماعي لا يعني أن الجمهور لن يصل إلى ما قاله أو سبق نشره من آراء ومواقف، لأن الشأن العام الأصل في الشفافية وفي ظل وجود أرشيف جمعي يتمثل بتوثيق عناصر كل فريق لما ينشره عناصر الفريق المضاد قد تؤدي هيه الخطوة إلى خلق قضية من لا شيء تماما كما حدث الوزيرة المستقيلة أسيري.
2- ضرورة تأسيس فريق لرصد الرأي العام أو الاستعانة بجهات مختصة برصد ما ينشر على مواقع التواصل الاجتماعي.
3- أهمية وجود مستشار أو فريق يدير الظهور الإعلامي للشخصية العامة وذلك تفاديا للمطبات وتضارب التصريحات، حيث رصد فريق البحث ثلاثة تصريحات للوزيرة المستقيلة أسيري تؤكد فيها عدم تقديم استقالتها وكان آخرها تصريح تعلن فيه تقديم استقالتها.
4- لاحظ فيريق البحث أن الموقع الالكتروني لمجلس الوزراء الكويتي لا يزال يعتبر الدكتورة أسيري وزيرة بالحكومة حتى وقت اعداد هذا التقرير، إذ لم يشر الموقع لأي شيء من شأنه قبول استقالتها، وكذلك الحال مع حساب مجلس الوزراء الكويتي على موقع تويتر الذي لم ينشر أي شيء منذ 27 يناير الماضي، وكأن الموضوع لا يعنيه، وهو ما تكرر مع الموقع الالكتروني لوزارة الشؤون الاجتماعية وحسابها على توتير.
5- على الشخصيات العامة عدم التخلي عن حساباتها على مواقع التواصل الاجتماعي، لأنها منصة شخصية يمكن الاستفادة منها للرد ونقل المعلومات وهو ما حدث الوزيرة المستقيلة أسيري التي خسرت حسابها على موقع تويتر وعندما أرادت تبيان الحقائق بعد استقالتها لم تجد سوى صفحتها على موقع انستغرام ورسائل يتبادلها نقلا عنها مؤيديها في مجموعات تطبيق واتس أب.
يشار إلى أن منصة Social Watcher أول منصة عربية لقياس الرأي العام الحقيقي، ويهدف القائمون عليها إلى توعية وتثقيف المهتمين بمجال التواصل الاجتماعي واتجاهات الرأي العام على وسائل التواصل الاجتماعي من خلال تحليل محتوى وأنشطة وسائل التواصل الاجتماعي باستخدام أحدث تقنيات الرصد والتحليل فيما يخص قضايا الرأي العام لغرض مناقشته مع المهتمين لضمان إيصال وجهة النظر المهنية للمختصين في عالمي الاعلام والتواصل الاجتماعي بشكل علمي ومنهجي وتقني.